الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة اغتيال الكاتب الأردنـــي ناهـض حـتـر تحت مجهـر مثقـفيــن تونسيـيـن: جريمة ارهابية بغطاء عـــقـائـدي وديـنـي

نشر في  28 سبتمبر 2016  (10:51)

اغتيل الكاتب الأردني ناهض حتر، أمام قصر العدل في العاصمة عمان، صباح الأحد 25 سبتمبر، بثلاث رصاصات في الرأس من قبل شخص تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض عليه فيما بعد.
وقد تبيّن أن قاتل ناهض حتر دخل الأردن، قادما من البقاع المقدسة بالسعودية.
ويشار الى أن المحكمة أطلقت سراح حتر لقاء كفالة عدلية، بعد أن تم اعتقاله الشهر الماضي على خلفية نشره رسما اعتبره البعض «مسيئا للذات الإلهية».
وقد نفى حتر الإساءة للذات الإلهية، قائلا إن الكاريكاتير «يسخر من الإرهابيين وتصورهم للربّ والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الإرهابيون».

وقال حتر في منشور له على فايسبوك: «الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي؛ وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وإخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون».
وتعود حيثيات القضية إلى نشر حتر على صفحته على موقع «فايسبوك» رسما كاريكاتوريا، فيه عبارات رأى فيها البعض أنها «تحمل إساءات للذات الإلهية».
وقد رصدت أخبار الجمهورية أراء بعض المفكرين والكتاب التونسيين حول هذه الحادثة الارهابية البشعة وأسبابها المباشرة وغير المباشرة.

اتحاد الكتاب: عدم احترام حرية التعبير أحد أسباب تخلفنا

اعتبر إتحاد الكتاب أن اغتيال ناهض حتر هو اغتيال للفكر الحر والكلمة الشريفة المناهضة لتيارات الردة والتكفير والتطبيع والعمالة، مستنكرا كل ممارسات الايحاء بالتصفية الجسدية التي تقوم بها التيارات الظلامية عبر الفتاوى والتحريض الخفي على كل القامات الفكرية والابداعية في مختلف الأقطار العربية.
وأكد الإتحاد أن استقرار المجتمعات وأمنها يتأسس وجوبا على الأمن الثقافي وإشاعة ثقافة قبول الآخر المختلف وثقافة الحوار والمحاججة بالفكرة لا بالرصاصة، وهو ما يناضل من أجله المثقفون والمبدعون كل في مجاله وبطريقته، وأن عدم إحترام الإختلاف في الرأي وتهديد حرية التعبير والضمير والتفكير، هو أحد أسباب التخلف الذي تعيشه البدان العربية راهنا.

رجاء بن سلامة: المطلوب محاربة الفكر الظلامي

وقالت الجامعية ومديرة المكتبة الوطنية رجاء بن سلامة، إن سلسلة الاغتيالات بدأت منذ الثمانينات باستهداف المثقفين من قبل المتعصّبين، وهو ليس بالشيء الجديد.
واعتبرت بن سلامة أن المطروح الآن، يتمثل في تطوير المنظومات التشريعية في البلدان العربية، والتطبيع مع المواثيق الدولية التي تحافظ على الحدود لحقوق الانسان، مشيرة الى أنّ هناك أحكاما جزائية في عديد الدول العربية من بينها الأردن، تتعارض مع أبسط مقومات الحداثة والثقافة في ما يخص ازدراء الأديان.
وأكدت بن سلامة أن المطلوب هو توفير حركة تضامن بين المفكرين والمبدعين العرب لمحاربة الفكر الظلامي، مثلما تم في تونس أثناء هجمة المتطرفين بعد الثورة والتي قوبلت بمعارضة قوية من المجتمع المدني والمثقفين، إذ لم تعد موازين القوى في صالح المتعصبين.
وأوضحت مديرة المكتبة الوطنية، أن مقولة الاسلام المعتدل ليست واضحة المعاني وخالية تماما من الدلالات، بل يجب أن يكون المسلم ديمقراطيا يتقبل الاراء المختلفة وحتى الساخرة منها .
في المقابل قالت رجاء بن سلامة إن بعض الاسلاميين المتطرفين لا يزالون بيننا ومن بينهم من يطالب بحذف نصوص في الكتب المدرسية بدعوى أنها تنشر الزندقة.

عبد اللطيف الحناشي: هذه العمليات لا علاقة لها بالإسلام

أدان المؤرخ عبد اللطيف الحناشي عملية الاغتيال، معتبرا أن هؤلاء لا قدرة لهم للتفاعل إلا بالرصاص وهو ما يعبر عن افلاسهم الفكري والروحاني.
الحادثة فريدة من نوعها ولها رمزية باعتبار أنها ووقعت أمام قصر العدالة وأمام أنظار رجال الأمن خصوصا وأن السلطات كانت على علم بالتهديدات ولم تتفاعل معها، مما يحملها المسؤولية الأخلاقية والسياسية في عملية الاغتيال، على حد تعبيره.
وأضاف محدثنا أن هذه العملية الارهابية تدفع الدول لاتخاذ اجراءات قانونية أكثر صرامة.
إن مثل هاته العمليات ليس لها علاقة بالحضارة الاسلامية، فحتى غاليليو كان يقف ضده وتمت ادانته بتهمة الزندقة التي وجهتها له الكنيسة لتتم ادانته وقتله، و يشير محدثنا الى أن المسألة لا تتعلق بالفكر الاسلامي على وجه الخصوص، بل وقع توظيفها سياسيا من قبل دعاة التطرف منذ الحرب العربية الاسرائيلية واتفاقية كامب دافيد وغيرها من الصراعات والمعاهدات التي أفرزت تيارات متطرفة.
في سياق متصل، اعتبر المؤرخ عبد اللطيف الحناشي أن التطرف في العالم الاسلامي، مرده تراكمات عديدة عمقت الأزمة وجعلتها أكثر تعقيدا، ومن بين هذه الأسباب الفقر والخلل في المنظومة التعليمية إذ اعتبر الحضارة الاسلامية لم تشهد اصلاحات عميقة بل كانت هنالك محاولات متفرقة.


نضال الصيد